تعريف بالأسلوب السردي
عندما أتكلم عن السرد و أساليبه فإنني أشير إلى الطريقة التي
يعبّر فيها الكاتب عن
فكرته، سواء تجسّدت تلك الفكرة في نص ساخر، أو هزليّ، أو غير ذلك. الأسلوب السردي لا
علاقة له بالنبرة (tone) التي يتحدث فيها الكاتب. فمثلا القصص الساخرة يطغى على النص فيها نبرة السخرية، و يظهر
ذلك جليّا
في الكلمات و العبارات الساخرة المباشرة أو غير المباشرة التي يستخدمها الكاتب أثناء سرده للأحداث،
إنما الإطار التي توضع فيه تلك القصة
يختلف من أسلوب سردي لآخر.
أنت الآن، ككاتب، باستطاعتك مثلا أن تعبّر عن فكرة معيّنة بأسلوب
ساخر عن
طريق حوار داخلي يجري في ذاكرة شخصية من شخصيات
النص الأدبي الذي تكتبه; هذا الحوار يُسمّى في الأدب: المُونُولوُج. ذلك أحد الأساليب
المتبعة في السّرد.
أساليب السرد
لنقُل أنك جلست على شرفة منزلك لوحدك و البحر أمامك قُبيل غروب
الشمس. أثّر
المنظر فيك فبدأت تحاور نفسك قائلا “سبحان الله، ما الذي جعل هذه الشمس تضيىء لملايين السنين دون أن
تنطفئ؟!” ثم تستكمل حديثك “يا له من
منظر خلاب!” و يعقب ذلك “لماذا لم أنزل إلى البحر اليوم؟
يجب أن أتصل بأحمد غدا لكي ننزل سويا”. و هكذا
…
لو حوّلت هذا الحوار، الذي جرى في داخلك، إلى نص أدبي مكتوب، فإنك
بذلك تعبّر
عن أفكارك بأسلوب المنولوج الباطني. لاحظ كيف أن العبارات التي وردت بين علامات الإقتباس غير مترابطة و
غير متجانسة، و هذا فعلا ما يحدث عندما
نفكر. هكذا يكون المنولوج. إذن عندما تختار كتابة قصة
قصيرة أو خاطرة لتبيّن ما تحدّثك به نفسك، فلا بد من إتباع أسلوب المنولوج في السرد.
2- المونولوج المسرحي (dramatic monologue): هذا الأسلوب السردي يشبه المونولوج الباطني إنما يأخذ شكل حوار مع طرف آخر. و هذا الأخير – أي الطرف الآخر
- لا نعرفه إلا من خلال ما يقوله
المتكلّم أو الراوية في النص. كما أننا لا نعرف
المكان الذي يتحدث منه المتكلم سوى من خلال حديثه. إليكم مثال مع شرح أدرجه بين
قوسين.
أهلا بك سيديتي (المتكلم يخاطب سيدة) لا أحد في البيت (المتكلم موجود في بيت) كلا لم أرها
اليوم (سألته السيدة عن أحد ما) و لكنني سمعت السيد يقول أنه سيأخذ القطة معه ليكشف عليها الطبيب (إذن فالمتكلم يمكن أن يكون خادما، و سيدته
تسأله إن كان قد رأى القطة. نستطيع أن نستنبط أن السيدة متزوجة و أن القطة مريضة و أن أوضاع أهل هذا البيت ميسورة بسبب إقتنائهم لقطة و عرضها على
طبيب بيطري إلخ…)
3- الرسائل البريدية (letter narration): حوار يجري بين طرفين في القصة القصيرة من خلال الرسائل البريدية.
نقرأ في النص رسالة موجهة من شخصية إلى أخرى. و يمكن ان تكون القصة عبارة عن
رسائل متبادلة،
بحيث نقرأ الرسالة و الرد عليها من الطرف الآخر. و يعتمد أسلوب الرسائل النصية بشكل أساسي على
المونولوج، بحيث نقرأ في القصة ما يدور
في ذاكرة الشخصيات، و ذلك من خلال ما هو
مكتوب في الرسائل. هناك روايات بأكملها كُتبت بهذا الأسلوب السردي، و تُدعى
epistolary novels أي روايات
رسائليّة.