أهم المسرحيات التي ألفها عبد الكريم
برشيد والتي تمثل النظرية الاحتفالية في
رأي صاحبها هي مسرحية " ابن الرومي في مدن الصفيح" التي كتبها في أواسط السبعينيات
موازية1 مع البيان الاحتفالي الأول الذي صدر سنة 1976م. يقول برشيد:
"إن مسرحية (ابن الرومي...) كعمل درامي يعتمد على فلسفة مغايرة وعلى تقنيات
جديدة. وعلى اجتهادات جريئة في ميدان البناء الدرامي- لا يمكن تفسيرها
إلا اعتمادا على الرجوع إلى الفكر الاحتفالي...إن مسرحية ( ابن الرومي...)
– كعمل إبداعي تلتقي مع هذه النظرية وتتوحد بها، وهذا شيء طبيعي.
وذلك مادام أنهما معا – العمل والتنظير- يصدران من منبع واحد. فالمسرحية
تجسيد شامل لمفاهيم الواقعية الاحتفالية.»2 إذا، برشيد يقر بأن مسرحية
ابن الرومي في مدن الصفيح خير نموذج مسرحي من إبداعاته الدرامية أو ريبرتواره
الفني الذي يجسد النظرية الاحتفالية في جانبها التطبيقي والدراماتورجي.هذا
الحكم التقريري هو الذي سيفرض علينا أن نطرح مجموعة من الأسئلة
التي سنحاول الإجابة عنها في موضوعنا هذا، وهي على النحو التالي: ما
هي الاحتفالية؟ ومامرتكزاتها المضمونية والسينوغرافية؟ وما مصادرها الإبداعية
والفكرية؟ وإلى أي مدى استطاع أن يكون عبد الكريم برشيد وفيا لنظريته
الاحتفالية في مسرحيته " ابن الرومي في مدن الصفيح"؟ وقبل الإجابة عن
ذلك، لابد من تسليط بعض الأضواء على عبد الكريم برشيد. فمن هو هذا المبدع
يا ترى؟
الاحتفالية نظرية
درامية وفلسفية تعتبر المسرح حفلا واحتفالا وتواصلا شعبيا ووجدانيا بين
الذوات وحفرا في الذاكرة الشعبية وانفتاحا على التراث الإنساني وبناء مركبا
من اللغات والفنون السينوغرافية التي تهدف إلى تقديم فرجة احتفالية قوامها
المتعة والفائدة عبر تكسير الجدار الرابع الذي يفصل الممثلين المحتفلين
عن الجمهور المحتفل بدوره.إنه مسرح يرفض التغريب والاندماج الواهم
والخدع المسرحية.