تختلف مدلولات الوعي من مجال إلى آخر, ومن فيلسوف إلى
آخر فمنهم من يقرنه باليقظة في مقابل في مقابل الغيبوبة أو النوم. و منهم من يقرنه
بالشعور فيشير إلى جميع العمليات السيكولوجية الشعورية. ويمكن أن نجمل الدلالة
العامة للوعي فيما يلي: ــ إنه ممارسة نشاط معين ( فكري, تخيلي,
يدوي...الخ), و واعين في ذات الوقت بممارستنا له. و من ثمة يمكن تصنيف الوعي إلى
أربعة أصناف وهي:
-1- الوعي العفوي التلقائي: إنه ذلك النوع من الوعي الذي يكون أساس
قيامنا بنشاط معين, دون أن يتطلب منا مجهودا ذهنيا كبيرا, بحيث لا يمنعنا من
مزاولة أي نشاط آخر.
-2- الوعي التأملي: إنه وعي يتطلب حضورا ذهنيا قويا مرتكزا في ذلك على قدرات
عقلية كلية, كالذكاء, أو الإدراك,أو الذاكرة.
-3- الوعي الحدسي: وهو الوعي المباشر و الفجائي الذي يجعلنا ندرك الأشياء أو
العلاقات, أو المعرفة, دون أن نكون قادرين على
الإدلاء بدليل أو استدلال.
-4- الوعي المعياري الأخلاقي:وهو الذي يسمح لنا بإصدار أحكام قيمة على الأشياء و
السلوكات فنرفضهما أو نقبلهما بناءا على قناعات أخلاقية, وغالبا ما يرتبط هذا
الوعي بمدى شعورنا بالمسؤولية اتجاه أنفسنا و اتجاه الآخرين.
و بالتالي فالوعي هو إدراكنا للواقع و الأشياء, إذ بدونه يستحيل معرفة أي
شيء.لذلك يمكن تعريف الوعي بأنه « الحدس الحاصل للفكر بخصوص حالاته و أفعاله». فهو
بمثابة "النور" الذي يكشف الذات عن بواطنها. أما اللاوعي فهو يدل
إلى حد ما على الشيء والمتقابل مع الوعي. و هنا يمكن الحديث عن اللاشعور, باعتبار
السلوك اللاواعي أو الذي يصبح لا واعيا, واقعة نفسية.
انطلاقا من هذا التصنيف الدلالي لمفهوم الوعي يمكن أن نتساءل عن:
-
ما هو الوعي؟ 2- ما شكل هذا الوعي ؟ هل هو وعي بسيط و مباشر؟ أم غير ذلك؟ ما
مضمونه الأول؟ ماذا أدرك في فعل الوعي على وجه الدقة و التحديد؟ ثم ما علاقة الوعي
باللاوعي؟ و هل يكفي أن نكون على وعي لمعرفة أنفسنا؟ هل الوعي هو أساس
حياتنا الواقعية؟ أو الوهم هو الأصل؟.