الحمل والطفل












وهو الحق الأول للإنسان، وبه تبدأ سائر الحقوق، وعند وجوده تطبق بقية الحدود وعند انتهائه تنعدم الحقوق.
ويعتبر حق الحياة مكفولاً بالشريعة لكل إنسان، ويجب على سائر الأفراد أولاً والمجتمع ثانياً والدولة ثالثاً حماية هذا الحق من كل اعتداء، مع وجوب تأمين الوسائل اللازمة لتأمينه من الغذاء والدواء والأمن من الانحراف.
وينبني على ذلك أحكام:
- تحريم قتل الإنسان:
قال تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِى حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقّ} [الأنعام:151].

هناك حقوق تحفظ للإنسان كرامته التي وهبه الله إياها، فمن تلك الحقوق:
- النهي عن سب المسلم والتنابز بالألقاب:
قال تعالى: {وَلاَ تَنَابَزُواْ بِٱلأَلْقَـٰبِ} [الحجرات:11].
قال ابن جرير: "إن الله تعالى ذكره نهى المؤمنين أن يتنابزوا بالألقاب، والتنابز بالألقاب هو دعاء المرء صاحبه بما يكرهه من اسم أو صفة، وعم الله بنهيه ذلك ولم يخصص به بعض الألقاب دون بعض، فغير جائز لأحد من المسلمين أن ينبز أخاه باسم يكرهه أو صفة يكرهها".
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((سباب المسلم فسوق وقتاله كفر)).
قال الحافظ: "في الحديث تعظيم حق المسلم، والحكم على من سبه بغير الحق بالفسق"
- الخلق كلهم عبيد لله تعالى وحده:
قال شيخ الإسلام: "إن العبد يراد به المعبَّد الذي عبَّده الله فذَلَّله ودبَّره وصرفه وبهذا الاعتبار المخلوقون كلهم عباد الله من الأبرار والفجار والمؤمنين والكفار وأهل الجنة وأهل النار، إذ هو ربهم كلهم ومليكهم، لا يخرجون عن مشيئته وقدرته وكلماته التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، فما شاء كان وإن لم يشاءوا، وما شاءوا إن لم يشأه لم يكن، كما قال تعالى: {أَفَغَيْرَ دِينِ ٱللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} [آل عمران:83]، فهو سبحانه رب العالمين وخالقهم ورازقهم ومحييهم ومميتهم ومقلب قلوبهم ومصرف أمورهم، لا رب لهم غيره، ولا مالك لهم سواه، ولا خالق إلا هو، سواء اعترفوا بذلك أو أنكروه، وسواء علموا ذلك أو جهلوه، لكن أهل الإيمان منهم عرفوا ذلك واعترفوا به، بخلاف من كان جاهلاً بذلك أو جاحداً له مستكبراً على ربه لا يقر ولا يخضع له مع علمه بأن الله ربه وخالقه".

رابعاً: حق التدين:
قال تعالى: {لا إِكْرَاهَ فِى ٱلدّينِ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَيّ} [البقرة:255].
قال قتادة: "أكره عليه هذا الحي من العرب لأنهم كانوا أمة أمية ليس لهم كتاب يعرفونه فلم يقبل منهم غير الإسلام، ولا يكره عليه أهل الكتاب إذا أقروا بالجزية أو بالخراج ولم يفتنوا عن دينهم فيخلى عنهم".
وقال ابن جرير: "وكان المسلمون جميعاً قد نقلوا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم أنه أكره على الإسلام قوماً فأبى أن يقبل منهم إلا الإسلام وحكم بقتلهم إن امتنعوا منه، وذلك كعبدة الأوثان من مشركي العرب، وكالمرتد عن دينه دين الحق إلى الكفر، ومن أشبههم، وأنه ترك إكراه آخرين على الإسلام بقبوله الجزية منه وإقراره على دينه الباطل، وذلك كأهل الكتابين ومن أشبههم، كان بيّناً بذلك أن معنى قوله: {لا إِكْرَاهَ فِى ٱلدّينِ} إنما هو: لا إكراه في الدين لأحد ممن حل قبول الجزية منه بأدائه الجزية ورضاه بحكم الإسلام

يتجلى حق الإنسان في التعليم من خلال نقاط كثيرة، منها:
- الترغيب في التعليم:
قال تعالى: {وَمَا كَانَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَافَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلّ فِرْقَةٍ مّنْهُمْ طَائِفَةٌ لّيَتَفَقَّهُواْ فِى ٱلدّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة:122].
قال ابن سعدي: "ففي هذا فضيلة العلم خصوصاً الفقه في الدين، وأنه أهم الأمور".
وعن معاوية رضي الله عنه الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)).
قال الحافظ: "ومفهوم الحديث أن من لم يتفقه في الدين، أي: يتعلم قواعد الإسلام وما يتصل بها من الفروع، فقد حرم الخير"
من الحقوق المقررة في الإسلام أن كل إنسان له الحق في أن يعرف الحق، فلا يجوز الحيلولة بين الإنسان وبين الوصول إلى الدين الحق، ويجب كسر جميع الحواجز التي تقف أمام دعوة الحق أن تصل إلى كافة الناس، لأن وصول الحق إليهم حق من حقوقهم يجب الدفاع عنه.
وقد قرر الإسلام ذلك من نواحي عدة، فمن ذلك:
- المراد بحق التملك والتصرف:
حق التملك يعني الاعتراف بحق الملكية الفردية للإنسان وتمكين المالك من سلطة التصرف بالشيء والاستفادة منه واستغلاله، والأصل أن يكون في الأعيان، ثم قرِّر في المنافع والحقوق.
والتملك في الأصل يقع على المال الذي هو أحد الضروريات الخمس في الإسلام، ويعتبر المال أحد الدعائم الأساسية في الحياة، وهو أحد عناصر الإنتاج مع العمل والموارد الطبيعية، وهو زينة الحياة، وفطر الإنسان على حبه.
- جعل الله عز وجل للإنسان وقتاً لطلب المعاش:
قال تعالى: {وَجَعَلْنَا ٱلنَّهَارَ مَعَاشًا} [النبأ:11].
قال مجاهد: "يبتغون فيه من فضل الله".
قال ابن جرير: "وجعلنا النهار لكم ضياء لتنتشروا فيه لمعاشكم وتتصرفوا فيه لمصالح دنياكم وابتغاء فضل الله فيه".
ففي هذه الآيات يمتن الله على عباده بأن قسم الزمن على هذه الأرض بين ظلام الليل وضياء النهار، وفي هذا إرشاد للخلق إلى أن هناك وقتاً للعمل وهو النهار وآخر للراحة وهو الليل، وتفيد الآيات أن أفراد بني الإنسان لهم الحق في العمل والراحة



أولاً: من حيث الأسبقية والإلزامية:
لقد كان للشريعة الإسلامية الغراء فضل السبق على كافة المواثيق والإعلانات والاتفاقيات الدولية في تناولها لحقوق الإنسان وتأصيلها لتلك الحقوق منذ أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان، وأن ما جاء به الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية اللاحقة ومن قبلها ميثاق الأمم المتحدة ما هو إلا ترديد لبعض ما تضمنه الشريعة الإسلامية الغراء.
فحقوق الإنسان المهددة اليوم والتي ندعو إلى حمايتها واحترامها قد أقرها الإسلام وقدسها منذ أربعة عشر قرناً فسبق بها سبقاً بعيداً عما قال به القرن الثامن عشر الذي عُد قرن حقوق الإنسان.
وحقوق الإنسان كما جاء بها الإسلام حقوق أصيلة أبدية لا تقبل حذفاً ولا تعديلاً ولا نسخاً ولا تعطيلاً، إنها حقوق ملزمة شرعها الخالق سبحانه وتعالى، فليس من حق بشر كائناً من كان أن يعطلها أو يتعدى عليها، ولا تسقط حصانتها الذاتية لا بإرادة الفرد تنازلاً عنها ولا بإرادة المجتمع ممثلاً فيما يقيمه من مؤسسات أياً كانت طبيعتها وكيفما كانت السلطات التي تخولها.
حقوق الإنسان في الإسلام أعمق وأشمل من حقوق الإنسان في الوثائق الوضعية، فحقوق الإنسان في الإسلام مصدرها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، أما مصدر حقوق الإنسان في القوانين والمواثيق الدولية فهو الفكر البشري، والبشر يخطئون أكثر مما يصيبون، ويتأثرون بطبيعتهم البشرية بما فيها من ضعف وقصور وعجز عن إدراك الأمور والإحاطة بالأشياء، وقد أحاط الله بكل شيء علماً.
إن الحقوق في الإسلام تبلغ درجة الحرمات وهي في هذا تمر بدرجات، فالحقوق مُسَلَّمة، ومن بعدها تدعمها الواجبات، ومن بعد الواجبات تحميها الحدود، ومن بعد الحدود ترتفع إلى الحرمات.

ثالثاً: من حيث الحماية والضمانات:
إن حقوق الإنسان في القوانين الوضعية لم توضع لها الضمانات اللازمة لحمايتها من الانتهاك.
فبالرجوع إلى مواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة عام 1948م نجده لم يحدد الوسائل والضمانات لمنع أي اعتداء على حقوق الإنسان وبخاصة ما يكون من هذه الوسائل والضمانات على المستوى العالمي.
كما تضمن الإعلان تحذيراً من التحايل على نصوصه أو إساءة تأويلها دون تحديد جزاء للمخالفة، وتضمنت أيضاً تشكيل لجنة لحقوق الإنسان تقوم بدراسة تقارير الدول الأطراف عن إجراءاتها لتأمين الحقوق المقررة، كما تتسلم التبليغات المقدمة من إحدى الدول الأطراف ضد أخرى بشأن أدائها لأحد التزاماتها المقررة بمقتضى الاتفاقية وذلك بشروط معينة.


 
Top