تعد
المسيرة الخضراء إحدى المسيرات الشعبية التي تم الترويج لها على نحو جيد
والتي حظيت بأهمية بالغة. ففي السادس من نوفمبر عام ١٩٧٥، تجمع حوالي ٣٥٠٠٠٠ من المغاربة في مدينة طرفاية الواقعة
جنوب المغرب منتظرين إشارة بدء المسيرة من الملك حسن الثاني لعبور الصحراء المغربية. وقد لوح المتظاهرون بالأعلام المغربية ولافتات تدعو إلى "عودة الصحراء المغربية" وصور لملك المغرب وبالقرآن الكريم. كما اتُخذ اللون الأخضر لوصف هذه المسيرة كرمز للإسلام. وعندما
وصل المتظاهرون إلى الحدود، صدر الأمر للقوات
الإسبانية بعدم إطلاق النار تجنبًا لإراقة الدماء.
تاريخ الصحراء
الغربية
منذ زمن بعيد، طالبت المغرب، الواقعة شمال
الصحراء الإسبانية، بأحقيتها في فرض السيادة على هذه المنطقة باعتبارها جزءًا لا
يتجزأ من المغرب على مر
التاريخ. وبالمثل، حاولت موريتانيا الواقعة
إلى الجنوب أن تبرهن على أن هذه المنطقة تتبع في الأصل الأراضي الموريتانية. ومنذ
عام ١٩٧٣، شنت جبهة البوليساريو المدعومة
من قبل الجزائر حرب عصابات صحراوية
كان الهدف منها مقاومة السيطرة الإسبانية على الصحراء، وفي أكتوبر من عام
١٩٧٥، شرعت إسبانيا في إجراء مفاوضات مع قادة حركة التمرد للنزول عن
السلطة وسط أجواء هادئة في مدينتي العيون وفي الجزائر العاصمة في اجتماع ضم وزير الخارجية الإسباني بيدرو
كورتينا إي موري والوالي مصطفى السيد رئيس الجبهة آنذاك.[2][3]
عقدت الحكومة المغربية العزم على إثبات
أحقيتها بالصحراء الغربية بإحالة القضية إلى محكمة العدل الدولية للبت فيها.وقد أقرت محكمة العدل الدولية بوجود
روابط تاريخية وقانونية تشهد بولاء عدد من القبائل
الصحراوية لسلطان المغرب، وكذلك بعض الروابط التي تتضمن بعض الحقوق
المتعلقة بالأرض الواقعة بين موريتانيا والقبائل الصحراوية الأخرى.[4]
وعلى الرغم من ذلك، فقد
أقرت المحكمة الدولية أيضًا أنه لا توجد أي روابط تدل على السيادة الإقليمية بين الإقليم وبين
المغرب أو موريتانيا وقت الاستعمار الإسباني،
وأن الروابط المذكورة سلفًا لا تكفي بأي حال من الأحوال بمطالبة أي من الدولتين بضم الصحراء الإسبانية إلى أراضيها.وبدلاً من ذلك، قضت
المحكمة الدولية بأن السكان الأصليين (أهل الصحراء) هم مالكو الأرض؛
وبالتالي، فإنهم يتمتعون بحق تقرير المصير.ومعنى ذلك أنه بغض النظر عن ماهية الحل السياسي
الذي سيتم التوصل إليه بشأن فرض السيادة على الإقليم (سواء أكان ضم الإقليم
إلى إسبانيا أو المغرب أو وموريتانيا أم تقسيمه فيما بينهم أم حصوله
على الاستقلال التام)، فإنه لا بد أولاً من الحصول على موافقة صريحة من سكان
الإقليم لتفعيل ذلك الحل.ومما زاد الأمر تعقيدًا أن بعثة زائرة تابعة للأمم المتحدة قد
أعلنت في ١٥ من شهر أكتوبر، أي قبل يوم واحد من إعلان حكم محكمة العدل الدولية
أن تأييد أهل الصحراء للحصول على الاستقلال جاء بأغلبية ساحقة.
وعلى الرغم مما سبق، فقد اعتبر حسن الثاني روابط الولاء بين أهل
الصحراء ودولة المغرب والتي أشارت إليها المحكمة
الدولية آنفًا بمثابة تأييد لموقفه دون أية إشارة
علنية إلى قرار المحكمة بشأن حق تقرير المصير.(جدير بالذكر أنه بعد
مرور سبع سنوات على هذا الأمر، وافق حسن الثاني رسميًا على إجراء استفتاء شعبي أمام منظمة
الوحدة الإفريقية).وفي غضون ساعات من صدور حكم محكمة العدل الدولية، أعلن حسن الثاني
تنظيم "مسيرة خضراء" إلى الصحراء الإسبانية من أجل "إعادة ضمها إلى الوطن الأم".